لبنان وإسرائيل- تفاؤل حذر بعد اتفاق مؤلم، هل يتعافى لبنان؟

المؤلف: حمود أبو طالب11.04.2025
لبنان وإسرائيل- تفاؤل حذر بعد اتفاق مؤلم، هل يتعافى لبنان؟

هل يحق لنا أن نتحلى ببعض الأمل عقب الاتفاق الذي أُعلن عنه فجر أمس بين كل من إسرائيل ولبنان، وذلك بجميع بنوده الـ 13 التي احتواها؟ نعم، على الصعيد الإنساني، توجد أسباب لا تحصى تدعو إلى ذلك، خاصة بعد كل ما حل بلبنان من دمار شامل، وما خلفه من مئات الضحايا، وآلاف المهجرين والنازحين الذين تشتتوا في كل مكان. لقد كانت آلة القتل الإسرائيلية الشرسة والجامحة تتلذذ بمشاهد النيران والأدخنة التي غطت سماء لبنان طوال أيام وليالي الحرب، وكانت تبتھج بمنظر المباني المدمرة التي غطت الجثث المتناثرة. لأكثر من عام كامل، استعرضت إسرائيل قوتها العسكرية الغاشمة في بلد يعاني من الضعف، فليس لديه حكومة قوية، ولا رئيس، ولا جيش قادر على حماية حدوده، وذلك كنتيجة لتوريط حزب الله له في ما أسماه بمعركة مساندة حرب غزة، لتكون المحصلة النهائية هي وقوع كارثتين بدلاً من كارثة واحدة مروعة.

بالتأكيد، هناك ما يبرر التفاؤل، ولكن يجب أن يكون هذا التفاؤل حذراً ومدروساً، وذلك لأن لبنان قد مر بالعديد من الأحداث المأساوية المشابهة في الماضي، ولكنه لم يبذل جهداً كافياً لبناء حصانة وطنية تحميه من الوقوع في أزمات مكلفة وفادحة. لقد مزقت الحرب الأهلية أوصاله لمدة تقارب الخمسة عشر عاماً، وغزته إسرائيل في بداية الثمانينيات، وكررت ذلك في عام 2006، ولم ينعم لبنان بالاستقرار التام بين تلك الأحداث وما تلاها إلا لفترات قصيرة ومتقطعة. صحيح أن لبنان كان وما زال ساحة لتصفية الحسابات والصراعات الخارجية منذ زمن بعيد، سواء كانت عربية أو أجنبية، لكنه كان قادراً على التعايش مع هذا الوضع، حتى تحول حزب الله إلى ورم خبيث في جسده، يسيطر على شؤونه ويجره من أزمة إلى أخرى لا نهاية لها، وذلك بغطاء سياسي وعسكري ومالي من الخارج.

إذا كان لبنان يطمح حقاً إلى وضع حد لمعاناته وآلامه، فعليه في المقام الأول إصلاح بيته من الداخل، فهو لن يكون في مأمن من المفاجآت غير السارة إذا لم يبدأ بهذه الخطوة الجوهرية والأساسية. لا يمكن لأحد أن يمنع المغامرين من اقتحام المنازل إذا كانت أسوارها منخفضة وبدون أبواب محكمة الإغلاق. إن الاعتقاد بأن لبنان في أوقات الرخاء والشدة ليس سوى غنيمة لزعامات معينة ومحدودة هو اعتقاد سيء وخطير للغاية، ويجب استبداله بفكرة الدولة الوطنية القوية والجيش الوطني المخلص، ويجب أن يكون الولاء المطلق للوطن ولا شيء سواه، وإلا فإن الأوضاع ستظل هشة وغير مستقرة، والأرض ستكون رخوة والبيئة ملوثة، وسيبقى لبنان ينتقل من أزمة إلى أخرى دون توقف.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة